للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكتب أصحاب الأخبار بذلك إلى الرشيد، فأمر بإحضاره فأحضر، وقال: ما حملك على ما قلت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، كان إليّ محسنا، فلما رأيته على الحال التى هو عليها حرّكنى إحسانه، فما ملكت نفسى حتى قلت الذى قلت. قال: فكم كان يجرى عليك؟ قال: ألف دينار، قال: فإنّا قد أضعفناها لك.

وقال يحيى بن خالد لما نكبوا: الدنيا دول، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسوة، وفينا لمن بعدنا عبرة.

ذكر شىء من أخبار جعفر وتمكّنه من الرشيد وما آل أمرهم إليه

قيل: كان جعفر قد بلغ من الرشيد ما لم يبلغه وزير من خليفة قبله، كان يجلسه معه فى حلة واحدة قد اتخذ لها جيبان، وبلغ عنده أن يحكم عليه فيما شاء من أمر ماله وولده، فمن ذلك ما حكاه إبراهيم بن المهدى أخو الرشيد قال: قال لى جعفر يا إبراهيم، إذا كان غدا فبكّر لى، فلما كان من الغد مشيت إليه باكرا، فجلسنا نتحدث، فلما ارتفع النهار أحضر حجاما فحجمنا، ثم قدّم لنا الطعام فطعمنا، ثم خلع علينا ثياب المنادمة، وقال جعفر لحاجبه «١» : لا يدخل علينا إلا عبد الملك القهرمان، فنسى الحاجب فجاء عبد الملك بن صالح الهاشمى، وكان رجل بنى هاشم فصاحة وملاحة وعلما وحلما وجلالة قدر وفخامة ذكر وصيانة وديانة، فظّن الحاجب أنّه الذى أمره بدخوله فأدخله، فلما رآه جعفر تغيّر لونه، فعلم عبد الملك أنهم قد احتشموا، فأراد أن يرفع خجله وخجلهم بمشاركته لهم، فقال: اصنعوا