[ذكر شىء مما وصفت به الحمير على طريقى المدح والذم]
[أما ما جاء فيها على سبيل المدح]
قال أبو العيناء «١» لبعض سماسرة الحمير: اشتر لى حمارا لا بالطويل اللّاحق، ولا بالقصير اللاصق؛ إن خلا الطريق تدفّق، وإن كثر الزّحام ترفّق؛ لا يصادم بى السّوارى، ولا يدخل تحت البوارى «٢» ؛ إن كثّرت علفه شكر، وإن قلّلته صبر؛ وإن ركبته هام، وإن ركبه غيرى قام «٣» . فقال له السمسار: إن مسخ الله بعض قضاتنا حمارا أصبت حاجتك، وإلّا فليست موجودة.
قيل للفضل الرّقاشىّ: إنك لتؤثر الحمير على جميع الدوابّ؛ قال: لأنها أرفق وأوفق؛ قيل: ولم ذاك؟ قال: لأنها لا تستبدل بالمكان، على طول الزمان؛ ثم قال:
هى أقلّ داء، وأيسر دواء، وأخفض مهوى، وأسلم صرعا «٤» ؛ وأقلّ جماحا، وأشهر فرها، وأقلّ بطرا؛ يزهى راكبه وقد تواضع بركوبه؛ ويعدّ مقتصدا وقد أسرف فى ثمنه.
وقال أحمد بن طاهر يصف حمارا:
شية كأنّ الشمس فيها أشرقت ... وأضاء فيها البدر عند تمامه
وكأنّه من تحت راكبه إذا ... ما لاح، برق لاح تحت غمامه
ظهر كجرى الماء لين ركوبه ... فى حالتى إتعابه وجمامه
سفهت يداه على الثّرى فتلاعبت ... فى جريه بسهوله وإكامه