للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيف الدين تنكز وورد مثال السلطان إلى نائبه بقبول هديته بجملتها فقبلها وجهز له تقدمة لها قيمة كثيرة فلم يقبل كريم الدين منها غير إكديش [١] واحد وأعاد بقيتها وأقام بدمشق أربعة أيام وأمر بإنشاء جامع ينفق على عمارته من ماله- وهو بالقبيبات [٢]- فحصل الشروع فى عمارته وعاد إلى الديار المصرية، وحدث فى غيبته بالأبواب السلطانية حوادث كانت من تقريراته، خرج إلى دمشق قبل إبرازها فنفدت فى غيبته، منها: إرسال الصاحب أمين الدين إلى طرابلس، وعزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن شاد الدولة، وأعظم من ذلك إخراج الأمير سيف الدين طغاى إلى صفد سنذكر هذه الوقائع مفصلة [١١٧] .

[ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية]

وفى يوم الإثنين خامس عشر صفر من هذه السنة رسم السلطان بتفويض نظر المملكة الطرابلسية وما هو مضاف إليها إلى الصاحب أمين الدين عبد الله [٣] وكان قد عزل فى شهور سنة سبع عشرة عن نظر الدواوين والصحبة ولزم داره إلى هذا التاريخ، فرسم له بهذه الوظيفة فاستعفى فلم يعف ورسم أن يتوجه على خيل البريد وخلع عليه تشريف كنجى [٤] وأنعم عليه بدواة ومرملة [٥] ولم يجر بمثل ذلك عادة لناظر هذه المملكة وزيد فى معلومها فاستقر له فى كل شهر نظير ما كان له فى نظر النظار بالديار المصرية، وتوجه فى يوم الثلاثاء سادس عشر صفر ووصل إلى دمشق فى يوم الخميس ثانى شهر ربيع الأول وتوجه منها إلى طرابلس.


[١] الإكديش: وجمعها أكاديش، الحصان الخليط غير الأصيل.
[٢] القبيبات: محلة جليلة بظاهر دمشق. (النجوم الزاهرة ٩: ٣٧٢ هامش) .
[٣] المراد أمين الدين عبد الله بن الغنام، وانظر ترجمته فى الدرر الكامنة ٢: ٣٥٧، والدليل الشافى ١: ٣٨٤.
[٤] أى مصنوع من قماش منسوج من قطن وحرير كان يصنع أولا فى كنجة من أعمال إيران، ثم انتقلت صناعته إلى عدة جهات (السلوك ١/٢: ٨٤٧ هامش الدكتور زيادة) .
[٥] المرملة إناء صغير يوضع به رمل ناعم يوضع منه على الكتابة فيجففها.