فواكه الجنّة فأكلا، فكانا فى الجنّة خمسمائة عام من أعوام الدنيا فى أتمّ السرور وأنعم الأحوال.
ذكر خبر إبليس والطاوس والحيّة
قال: ولمّا سمع إبليس أن الله تعالى أباح لآدم أن يأكل من ثمار الجنّة إلّا شجرة واحدة، فرح بذلك، وقال: لأخرجنّهما من الجنة. ثم مرّ مستخفيا فى طرقات السموات حتى وقف على باب الجنّة، فإذا الطاوس قد خرج من الجنة وله جناحان إذا نشرهما غطّى بهما سدرة المنتهى، وله ذنب من الزمرّد الأخضر على كلّ ريشة منه جوهرة بيضاء، وعيناه من الياقوت الأحمر؛ وهو أطيب طيور الجنّة صوتا وتغريدا؛ وكان يخرج ويمرّ فى السموات يخطر فى مشيته ويرجع إلى الجنّة.
فلما رآه إبليس كلّمه بكلام ليّن، وقال: أيّها الطائر العجيب الخلق الطيّب الصوت، من تكون من طيور الجنة؟ فقال: أنا الطاوس، فمالك أيها الشّخص كأنّك مرعوب تخاف من طالب يطلبك؟ قال إبليس: أنا من ملائكة الصّفيح «١» الأعلى من زمرة الكروبييّن «٢» ، وقد أحببت أن أنظر إلى الجنّة وإلى ما أعدّ الله فيها لأهلها فهل لك أن تدخلنى الجنّة وأنا أعلّمك ثلاث كلمات من قالها لا يهرم ولا يسقم ولا يموت؟ فقال له: وأهل الجنّة يموتون؟ قال: نعم ويسقمون ويهرمون إلّا من كانت عنده هذه الكلمات، وحلف له على ذلك، فوثق به الطاوس ولم يظنّ أحدا يحلف بالله كاذبا؛ فقال: ما أحوجنى إلى هذه الكلمات، غير أنّى أخاف أن يستخبرنى (رضوان) عنك، ولكنى أبعث إليك الحيّة فإنّها سيّدة دوابّ الجنة.