للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس ويناديانهم: تغريق بتحريق! يذكّرانهم يوما من أيّام الجاهليّة، كانوا حرّقوا فيه قوما من بكر بن وائل فى غيضة من الغياض. ثم رجعوا إلى المثنّى وقد غرّقوهم. فبلغ ذلك عمر، فبعث إلى عتيبة وفرات، فاستدعاهما وسألهما عن قولهما، فأخبراه أنّهما لم يفعلا ذلك على وجه طلب ذحل [١] ، إنّما هو مثل، فاستحلفهما على ذلك وردّهما إلى المثنّى.

وكانت هذه الوقائع الّتى ذكرناها بالعراق فى سنة ثلاث عشرة.

ثمّ كانت وقعة القادسيّة، والله أعلم.

[ذكر خبر القادسية وأيامها]

كان [٢] ابتداء أمر القادسيّة أنّ الفرس لمّا مات ملكها أزدشير تفرّقت آراؤها، وكان المسلمون قد فتحوا من بلادهم ما ذكرناه فى خلافة أبى بكر الصّدّيق- رضى الله عنه- فى حياة أزدشير، ثم تابعوا الغارات عليهم، فاجتمعت الفرس وقالوا لرستم والفيرزان- وهما على أهل فارس-: لا زال بكما الاختلاف حتى أوهنتما [٣] أهل فارس، وأطمعتما فيهم عدوّهم.

فاجتمعوا واستدعوا نساء كسرى وسراريّه، وكشفوا عمّن بقى من نسل الملوك الأكاسرة، فدلّوهم على يزدجرد، من ولد شهريار ابن كسرى، فاستدعوه وملّكوه عليهم وأطاعوه. فبلغ خبرهم المثنّى ابن حارثة، فكتب بذلك إلى عمر، فلم يصل الكتاب حتّى نقض


[١] ذحل، أى وتر، وفى ك: «دحل» تحريف.
[٢] ابن الأثير ٢: ٣٠٩ وما بعدها، تاريخ الطبرى ٣: ٤٧٧ وما بعدها، وذكر ذلك فى حوادث سنة ١٤.
[٣] ص: «أوهيتما» .