للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما قيل فى الحمر الأهلية]

قال المتكلمون فى طبائع الحيوان: إنّ الحمار لا يولد له قبل أن تتمّ له ثلاث سنين ونصف. قالوا: والحمار إذا شمّ رائحة الأسد رمى بنفسه عليه لشدّة خوفه منه.

ولذلك قال أبو تمّام [يخاطب عبد الصمد «١» بن المعذّل وقد هجاه] :

أقدمت ويلك من هجوى على خطر ... والعير يقدم من خوف على الأسد

والحمار يوصف بحدّة حاسّة السمع. وهو إذا نهق أضرّ بالكلب؛ قالوا:

حتى إنّه يحدث له مغسا «٢» ؛ فلذلك يطول نباحه. والبرد يضرّ الحمار ويؤذيه؛ ولهذا لا يوجد فى بلاد الصّقالبة. وقال الجاحظ: وحلف أحمد بن العزيز أن الحمار ما ينام.

فقيل له: ولم ذلك؟ قال: لأنّى أجد صياحه ليس بصياح من نام وانتبه فى تلك الساعة، ولا هو صياح من يريد أن ينام بعد انقضاء صياحه.

وأجود الحمير المصريّة. وأهل مصر يعتنون بتربيتها، ويحتفلون بأمرها ويسابقون عليها، ويسمّون مكان سباقها «الطابق» . والجيّد منها يباع بالثمن الكثير. نقل صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر فى كتابه قال: لقد بيع منها حمار بمائة دينار وعشرة دنانير. وأمّا الذى رأيناه نحن منها فأبيع «٣» بألف درهم، وربما زاد بعضها على ألف. وكثير من أهل مصر يركبونها ويتركون الخيل والبغال.

فمن ركبها من الأعيان مع وجود القدرة والإمكان على ركوب الخيل والبغال، يقصد بذلك التواضع وعدم الكبرياء. ومن إركبها من ذوى الأموال وترك الخيل والبغال