وقال الشريف الرضىّ:
ما زلت أطّرق المنازل باللّوى ... حتّى نزلت منازل النّعمان.
بالحيرة البيضاء حيث تقابلت ... شمّ العماد، عريضة الأعطان.
شهدت بفضل الرّافعين قبابها. ... ويبين بالبنيان فضل البانى!
ما ينفع الماضين أن بقيت لهم ... خطط معمّرة بعمر فانى!
[وأما ما وصفت به المنازل الخالية]
فمن ذلك ما قاله البحترىّ يشير إلى «الكرمان» الذى بناه كسرى أنوشروان من أبيات:
فكأنّ الكرمان من عدم الأن ... س وإخلائه بنيّة رمس.
لو تراه، علمت أنّ اللّيالى ... خلعت فيه مأتما بعد عرس.
وهو ينبيك عن عجائب قوم، ... لا يشاب البيان فيها بلبس.
وإذا ما رأيت صورة أنط ... اكية، ارتعت بين روم وفرس.
والمنايا مواثل وأنوشر ... وان يزجى الصّفوف تحت الدّرفس!
وقال أيضا من قصيدة يرثى فيها المتوكل، ويذكر قصره «الجعفرىّ» :
محلّ على القاطول [١] أخلق داره، ... وعادت صروف الدّهر جيشا تعاوره.
كأنّ الصّبا توفى نذورا، إذا انبرت ... تجرّ به أذيالها وتباكره.
وربّ زمان ناعم تمّ عهده، ... ترقّ حواشيه ويونق ناظره.
تغيّر حسن «الجعفرىّ» وأنسه، ... وقوّض بادى «الجعفرىّ» وحاضره.
تحمّل عنه ساكنوه فجاءة، ... فعادت سواء دوره ومقابره.
إذا نحن زرناه، أجدّ لنا الأسى؛ ... وقد كان قبل اليوم يبهج زائره.
[١] نهر مشهور معروف.