أهل بيت من بيوت الأندلس أولو قوّة وبأس، وخرجوا عن طاعته.
والتحقوا بالمشركين فقوى أمرهم، واشتدت شوكتهم، وتقدموا إلى تطيلة فحصروها وملكوها من المسلمين، وأسروا أميرها يوسف بن عمروس وسجنوه وتقدموا بصخرة قيس. واستقر عمروس بمدينة سرقسطة ليحفظها من الكفار، وجمع العساكر وسيرها مع ابن عمّ له، فلقى المشركين فقاتلهم وفضّ جمعهم، وقتل أكثرهم، وسار إلى صخرة قيس بالجيش فحصرها وافتتحها وخلّص يوسف منها.
[ذكر ايقاع الحكم بأهل قرطبة]
كان ذلك فى سنة سبع وثمانين ومائة، وسببه أن الحكم فى صدر ولايته كان/ قد تظاهر بشرب الخمر والانهماك على الملذات. وكانت قرطبة دار علم وبها فضلاء أهل علم وورع، منهم يحيى بن يحيى الليثى راوى موطأ مالك بن أنس وغيره. فثار أهل قرطبة وأنكروا فعل الحكم ورموه بالحجارة وأرادوا قتله، فامتنع منهم ثم سكن الحال واجتمع بعد ذلك بأيام وجوه أهل قرطبة وفقهاؤها وحضروا عند محمد بن القاسم القرشى المروانى- عم هشام بن حمزة- وأخذوا له البيعة على أهل البلد وعرّفوه أن الناس قد ارتضوه كافّة. فاستظهرهم ليلة ليرى رأيه، ويستخير الله تعالى فانصرفوا، وحضر هو عند الحكم وأعلمه الحال وأنه على بيعته له لم يتغير، فطلب الحكم تصحيح ذلك عنده وسيّر مع محمد ابن القاسم بعض ثقاته فأجلسه محمد فى قبة فى داره وأخفى أمره.