[ذكر وصول طائفة من التتار إلى البلاد الإسلامية وما فعلوه بحلب وتقدمهم إلى حمص وقتالهم وانهزامهم وما كان من خبر عودهم]
وفى سنة تسع وخمسين وستمائة بلغ التتار أن الأمراء العزيزية والناصرية قد وقع بينهم اختلاف، فتجمعوا من كل جهة وعبروا الفرات، ولما بلغ الملك السعيد خبرهم وأنهم وصلوا إلى جهة البيرة جرد إليهم جماعة قليلة من العسكر الحلبى، وقدم عليهم سابق الدين أمير مجلس الناصرى، فنهاه الأمراء العزيزية والناصرية عن ذلك، واستقلوا العسكر المجرد، فلم يرجع إلى قولهم، وصمم على إرساله، فسار سابق الدين ومن معه حتى قاربوا البيرة، فصدمهم التتار، فهرب سابق الدين منهم ودخل البيرة، بعد أن قتل أكثر من معه. فكان ذلك من أكبر الأسباب التى أوجبت القبض على الملك السعيد، ثم توجه التتار إلى جهة حلب، فاندفع الأمير حسام الدين الجوكندار والعسكر الحلبى بين أيديهم إلى جهة حماة، ووصل التتار إلى حلب فى أواخر سنة ثمان وخمسين وستمائة وملكوها، وأخرجوا أهلها إلى قرنبيا، واسمها قديما مقر الأنبياء، فسماها العامة قرنبيا، فلما اجتمعوا بها بذل التتار فيهم السيف فقتلوا أكثرهم. وتقدم التتار إلى جهة حماة، ففارقها العسكر الحلبى وصاحبها الملك المنصور إلى حمص، واجتمعوا هم والملك الأشرف مظفر الدين موسى صاحب حمص، واتفقوا على قتال التتار، وانضم إليهم الأمير زامل بن على أمير العربان. ووصل التتار إلى حمص، والتقوا واقتتلوا فى يوم