الجمعة خامس المحرم من السنة «١» فانهزم التتار أقبح هزيمة، وقتل أبطالهم وشجعانهم، فاستشهد فيهم بقول الشاعر:
فإن كان أعجبكم عامكم ... فعودوا إلى حمص فى قابل
فإن الحسام الصقيل «٢» الذى ... قتلتم به فى يد القاتل
وقد شاهد جماعة كثيرة فى هذه الواقعة طيورا كثيرة بيضاء تحوم حال القتال.
حكى عن الأمير بدر الدين محمد القيمرى قال:«والله، لقد رأيت بعينى طيورا بيضا وهى تضرب بأجنحتها فى وجوه التتار» . وقد ذكر ذلك جماعة كثيرة حتى بلغ حد التواتر، فما كان بأسرع من انهزام التتار.
قال المؤرخ:
ثم اجتمع من سلم من التتار ونزلوا بسلمية، وعادوا إلى حماة، ورحلوا عنها إلى أفامية، وكان قد وصل إلى أفامية الأمير سيف الدين الديبلى «٣» الأشرفى ومعه جماعة فأقام بقلعتها وبقى بغير على التتار، فرحلوا عن أفامية وعادوا إلى حلب، فأخرجوا من بها من الرجال والنساء ولم يبق إلا من ضعف عن الحركة واختفى خوفا على نفسه، ثم نادوا فيهم: من كان من أهل حلب فليعتزل. فلم يعلم الناس ما يراد بهم، فظن الغرباء النجاة لأهل حلب، وظن أهل حلب نجاة الغرباء،