فاعتزل بعض كل من الطائفتين مع الأخرى بحسب ما أدّى كل منهم اجتهاده، فلما تميز الفريقان أخذ التتار الغرباء وتوجهوا بهم إلى بابلى «١» فضربوا أعناقهم، وفيهم جماعة من أهل حلب وأقارب الملك الناصر، ثم أعادوا من بقى من أهل حلب إليها، وسلموا كل طائفة إلى رجل من الأكابر، ثم أحاطوا بالبلد ولم يمكنوا أحدا يدخل إليه ولا يخرج منه.
ثم فارق التتار حلب فى أوائل جمادى الأول سنة تسع وخمسين وستمائة وكان سبب رحيلهم عنها أن السلطان الملك الظاهر جرد فى العشر الأول من شهر ربيع الأول الأمير فخر الدين الطنبا الحمصى والأمير حسام الدين لاجين الجو كان دار «٢» والأمير حسام الدين العين تابى «٣» فى عسكر لدفع التتار عن حلب. فلما وصلوا إلى غزة أرسل فرنج عكا إلى التتار بخبرهم فرجعوا وفارقوا حلب.
ولما رحل التتار عن حلب تغلب عليها جماعة من أحداثها لخلوها من العسكر، منهم نجم الدين أبو عبد الله بن المنذر، وعلى بن الأنصارى، وأبو الفتح، ويوسف بن معالى، فقتلوا ونهبوا، وبلغوا أغراضهم ممن كان فى قلوبهم منهم ضغائن» فلما قاربوا الأمير فخر الدين الحمصى والأمير حسام الدين تابى، ومن معهما هرب هؤلاء عن حلب. ولما ذخلها الأمير فخر الدين الحمصى صادر