للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر مقتل الصّليحى وقيام ابنه المكرّم

وفى سنة تسع وخمسين وأربعمائة توجه الصليحى إلى مكة شرفها الله تعالى، واستخلف ابنه المكرم على الملك، وسار فى ألفى فارس منهم من آل الصليحى مائة وستون رجلا واستصحب معه ملوك اليمن الذين أزال ملكهم خوفا أن يثوروا بعده فى البلاد، وسار حتى نزل بظاهر المهجم بضيعة تعرف بأم الدّهيم وبئر أم معبد، وخيمت عساكره حوله، فلما كان فى الثانى عشر من ذى القعدة لم يشعر الناس فى نصف النهار إلا وقد قيل لهم قتل الصّليحى.

وكان سبب قتله أنه لما استولى على زبيد فى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وقتل صاحبها نجاحا بالسم، وكان قد أهدى له جارية وأمرها فسمّته، فهرب أولاد نجاح: سعيد الأحول وجيّاش وغيرهما، فلحقوا بأرض الحبشة، وشاع على ألسنة المنجّمين وأهل الملاحم أن سعيدا الأحول قاتل على ابن محمد الصّليحى، وبلغ ذلك الصّليحى فاستشعره، وبلغ سعيدا فترقت إليه همته، وتهيّأ لأسبابه، فلما بلغه مسير/ (١٠٧) الصليحى إلى الحجاز خرج من أرض الحبشة، فعارضه فى خمسة آلاف حربة كان قد انتقاها حين خرج من ساحل المهجم، وهجم على الصليحى فى نصف النهار، والناس مقيلون فى خيامهم غير مستعدين لحرب، فدخل عليه خيمته فى أهل بيته، وعنده دوابّ النوبة، وهو يريد الركوب، فقتلوه [١] ، وقتلوا أخاه عبد الله، وتفرّقوا فى المحطة، فقتلوا من وجدوا، واستولى سعيد الأحول على خزائن الصليحى وأمواله، وكان قد استصحب منها أموالا جليلة، وجمع آل الصليحى خاصة فقتلهم رميا بالحراب، وأخذ أسماء بنت شهاب، فأركبها هودجا، وجعل رأس الصليحى ورأس أخيه أمام هودجها حتى دخل زبيد، وتركها فى دار والرأسان منصوبان قبالة طاق الدار التى هى فيها، وفى ذلك يقول شاعرهم العثمانى [٢] من قصيدة:


[١] راجع خبر مصرع الصليحى فى ابن المجاور (صفة بلاد اليمن ٧٥ و ١٦٧) .
[٢] أورده عمارة فى: مختصر المفيد فى أخبار زبيد ص ١٥٢، وذكر له هذه الأبيات، ومعها مناسبتها كما جاءت هنا.