للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«أنا رجل مسلم فكيف يحل قتلى؟» ، وكان فيه كرم نفس،/ (١٠٥) وإفضال على الناس.

وكان الصّليحى كثير الاختلاط به، والحظوة لديه، فتفرّس فيه، فلما حضرته الوفاة أوصاه بالدعوة، وأعطاه مالا كثيرا كان قد جمعه من أهل دعوتهم، وأقام الصليحى باليمن دليلا للحاج على طريق السراة خمس عشرة سنة، وهو مع ذلك يعمل الحيلة فى ظهور أمره، فطلع مسارا [١] ، وهو أعلى ذروة فى جبال حراز [٢] ، ومعه قوم قد بايعوه على الموت، فأحاط بهم جميع أهل حراز [٢] ، وتهددوه بالقتل، فدافعهم بالحيل، وقال: إنما لزمته خوفا أن يلزمه الغير فتلحقنا جميعا المضرّة، ولم يمض عليه أشهر حتى بناه وحصّنه وأمره يستفحل، وشأنه يظهر، فلما ظهر بمسار [١]- ومعه قوم من الحجاز وسنحان ويام وجشم وهبرة- حصره جعفر بن القاسم فى الأحبوش، وهم خلق كثير، ورجل يسمى جعفر بن العباس [شافعى المذهب سار مع جعفر لحصاره فى ثلاثين ألفا، فأوقع الصليحى بجعفر بن العباس] [٣] فى محطته فى شعبان من السنة، فقتله فى جمع عظيم، فتفرق الناس عنه، ثم طلع إلى جبل حضور فافتتحه، وأخذ حصن يناع، وجمع له ابن أبى حاشد صاحب صنعاء فالتقوا [بصوف] [٤] ، فقتل ابن أبى حاشد وألف رجل، وسار إلى صنعاء فملكها، وطوى اليمن طيا بسهله وجبله.

وفى سنة خمس وخمسين وأربعمائة استقرّ ملك الصّليحى بجميع اليمن من مكة إلى حضرموت سهلها وجبلها، واستقر بصنعاء، وأسكن معه ملوك اليمن الذين أزال ملكهم، واختط بصنعاء عدة قصور، واستعمل صهره/ (١٠٦) أخا زوجته- أسعد بن شهاب على زبيد، فدخلها فى سنة ست وخمسين وأربعمائة، وأحسن سيرته فى الرعية، وفسح لأهل السنة فى إظهار مذاهبهم، وكان يحمل من تهامة/ إلى صنعاء فى كل سنة- بعد أرزاق الجند الذين بها وغير ذلك من الأسباب اللازمة- ألف ألف دينار عينا.


[١] هكذا فى «أ» ص ١٠٥ و «ك» وفى مراصد الاطلاع ٣/١٢٧٣ ومعجم البلدان «مشار: قلة فى أعلى جبل حراز، وحراز مخلاف باليمن قرب زبيد «وانظر المقتطف ص ٦٤» .
[٢] سنحان من مخاليف اليمن، وبام اسم قبيلة أضيف إليها مخلاف من مخاليف اليمن (مراصد ٣/١٤٧٢) وجشم وهبيرة قبيلتان.
[٣] ما بين القوسين زيادة من «أ» ص ١٠٥.
[٤] زيادة عن معجم البلدان والقبائل اليمنية ص ٣٨٨ وقال: «صوف: قرية خربة بالقرب من قرية يازك» كانت بها الوقعة التى مهدت السبيل لملك على بن محمد الصليحى.