فى عبادتها، وكلّمهم الشياطين من أجوافها؛ فعبدوها حتّى لم يعرفوا سواها وطغوا وبغوا، وأكثروا الفساد فى الأرض، حتى ضجّت الأرض والسماء والوحش والطير إلى ربّها منهم.
ذكر الآيات التى رآها نمروذ قبل مولد إبراهيم- عليه السلام-
قال: كان أوّل ذلك أنّه صعد فى بعض الأيّام إلى سريره، فانتفض من تحته انتفاضا شديدا، وسمع هاتفا يقول: تعس من كفر بإله إبراهيم. فقال لتارح وهو واقف عنده: سمعت ما سمعت؟ قال: نعم. قال: فمن هو إبراهيم؟ قال:
لا أعرفه.
فأرسل إلى السحرة وسألهم عن إبراهيم، وأخبرهم بما سمع؛ فقالوا: لا نعرف إبراهيم ولا إلهه.
ثم توالت عليه الهواتف، ونطقت الوحش والطير والسباع بمثل ذلك؛ ثم رأى الرّؤى فى منامه.
فكان منها أنّه رأى كأنّ القمر قد طلع من ظهر تارح، وألقى نوره كالعمود الممدود بين السماء والأرض؛ وسمع قائلا يقول: جاء الحق ونظر إلى الأصنام وهى ترتعد، فاستيقظ وقصّ رؤياه على تارح، فقال: أيّها الملك، إنّى فى الأرض كالقمر لكثرة عبادتى لهذه الأصنام. فقال له نمروذ: صدقت.
وانصرف تارح حتى دخل بيت الأصنام، فإذا هى قد سقطت عن كراسيّها منكّبة على أوجهها؛ فأمر خدمها بإعادتها، وعجب من ذلك.
قال: ثم رأى فى منامه كأنّ نورا ساطعا بين السماء والأرض، وقوما يسلكون فيه ينزلون إلى الأرض، ويصعدون إلى السماء، وإذا برجل من أحسن الناس وجها