للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى قد بعثه رسولا إلى بنى إسرائيل. فخرّ زكريّا ساجدا لله تعالى على ذلك، وخرج إلى بنى إسرائيل ودعاهم، فكذّبه بعضهم وصدّقه آخرون. فأقام زكريّا فى بنى إسرائيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وعمران يعبد الله. وكان زكريّا وعمران لم يرزقا الولد. فبينا حنّة ذات يوم جالسة إلى جانب عمران إذ رأت حمامة تزقّ فرخا لها، فبكت شوقا منها إلى ولد، وذكرت ذلك لزوجها عمران فقال:

قومى ندعو الله ربّنا فى ذلك، فقاما جميعا وصلّيا ودعوا الله تعالى أن يرزقهما ولدا، فرأى عمران فى منامه إن الله قد استجاب دعاءك. فقام إلى زوجته فواقعها فحملت منه، وقالت ما أخبر الله تعالى عنها. قال الله تعالى: إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «١» .

قال: وكان الناس فى ذلك الزمان يتقرّبون إلى الله عز وجل بتحرير أولادهم، وكانوا يخدمون بيت المقدس فى صغرهم إذا بلغوا، فمن أحبّ أن يقم على الخدمة أقام، ومن اختار الانصراف انصرف.

[ذكر ميلاد مريم بنة عمران عليه السلام]

قال الكسائىّ: ولمّا حرّرتها أمّها لله تعالى قال لها زوجها: إنك حرّرت ما فى بطنك، فإن كان أنثى كيف يكون محرّرا؟ فاغتمّت لذلك حتى وضعت مريم.

قال الله تعالى: فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «٢»

ثم قالت: «ربّ إنّى كنت نذرت لك ما فى بطنى محرّرا فتقبلّها منّى» . قال