للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلذلك حبسنى، فلمّا أصبحت أتت سعدا فصالحته وأخبرته بخبر أبى محجن، فأطلقه، وقال: اذهب، فما أنا بمؤاخذك بشىء تقوله حتّى تفعله، قال: لا جرم [والله] [١] لا أجيب لسانى إلى قبيح أبدا.

وقد قيل: إنّ سعدا لمّا أخبر بأمره دعاه وحلّ قيوده، وقال:

لا تجلدنّ على الخمر أبدا: فقال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدا، فقد كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم.

وقيل: بل قال: قد كنت أشربها إذ يقام علىّ الحدّ وأطهر منها، فأمّا إذ بهرجتنى [٢] فو الله لا أشربها أبدا.

[ذكر يوم عماس، وهو اليوم الثالث]

قال: [٣] وأصبح الناس فى هذا اليوم وبين الصفّين من صرعى المسلمين ألفان من جريح وقتيل، ومن المشركين عشرة آلاف، فنقل المسلمون قتلاهم إلى المقابر، وجرحاهم إلى النّساء، [وكان النساء] [٤] والصّبيان يحفرون القبور ويداوون الجرحى. وأمّا قتلى المشركين فبين الصّفّين لم ينقلوا، وبات القعقاع تلك الليلة يسرّب أصحابه إلى المكان الّذى كان فارقهم فيه، وقال: إذا طلعت الشّمس فاقتلوا مائة مائة، فإن جاء هاشم فذاك، وإلّا جدّدتم للنّاس رجاء جديدا. ولم يشعر به أحد، وأصبح النّاس على مواقفهم.


[١] من ص.
[٢] بهرجتنى: زيفتنى ولم تسمع قولى.
[٣] ابن الأثير ٢: ٣٣١ وما بعدها، وتاريخ الطبرى ٣: ٥٥٠ وما بعدها
[٤] من ص.