فلما بزغت الشمس أقبل أصحاب القعقاع، فحين رآهم كبّر وكبّر المسلمون، وتقدّموا وتكتّبت [١] الكتائب، واختلف الطّعن والضّرب، والمدد متتابع، فما جاء آخر أصحابه حتّى انتهى إليهم هاشم، فأخبر بما صنع القعقاع، فعبّى أصحابه سبعين سبعين، وكان فيهم قيس بن هبيرة المعروف بابن المكشوح المرادىّ، فكبّر وكبّر المسلمون، ثم حمل على الفرس فقاتلهم حتى خرق صفّهم إلى العتيق ثمّ عاد، وكانت الفرس قد أصلحوا توابيتهم وأعادوها على الفيلة، وأقبلت الرّجّاله حول الفيلة يحمونها أن تقطع وضنها، ومع الرّجّالة فرسان يحمونهم، فلم تنفر الخيل منهم كما كانت؛ لاختلاط خيل الفرس ورجالها بها.
قال: ولما رأى سعد الفيول، وقد فرّقت الكتائب وعادت لفعلها، أرسل إلى القعقاع وعاصم ابنى عمرو: أن اكفيانى الفيل الأبيض، وكان بإزائهما والفيول كلّها آلفة له.
وقال لحمّال والرّبيل: اكفيانى الفيل الأجرب وكان بإزائهما، فحمل القعقاع وعاصم برمحيهما وتقدّما فى خيل ورجل حتّى وضعاهما فى عينى الفيل الأبيض، فنفض رأسه، وطرح ساسته، ودلّى مشفره.
فضربه القعقاع، فرمى به ووقع لجنبه، وقتلوا من كان عليه. وحمل حمّال والرّبّيل الأسديّان على الفيل الأجرب، فطعنه حمّال فى عينه فأقعى، ثم استوى، وضربه الرّبيل فأبان مشفره، فتحيّر الفيل؛ إذا جاء إلى صفّ المسلمين زجروه بالرّماح ليرجع، وإذا أتى صفّ الفرس نخسوه ليتقدّم، فولّى الفيل وألقى نفسه فى العتيق،