للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر القحط وعام الرمادة]

وفى [١] هذه السّنة أصاب النّاس مجاعة شديدة وجدب وقحط، وهو عام الرّمادة، وكانت الريح تسفى ترابا كالرّماد، فسمّى لذلك عام الرّمادة، واشتدّ الجوع حتّى كان الوحش يأوى إلى الإنس، وكان الرجل يذبح الشّاة فيعافها من فيحها [٢] ، وأقسم عمر لا يذوق سمنا ولا لبنا، ولا لحما؛ حتّى يحيا النّاس.

وكتب إلى الأمراء المقيمين بالأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها، فكان أوّل من قدم عليه أبو عبيدة بن الجراح بأربعة آلاف راحلة من طعام، فولّاه عمر قسمتها فيمن حول المدينة، فقسّمها وانصرف إلى عمله، وتتايع النّاس، واستغنى أهل الحجاز.

وأرسل عمرو بن العاص الطّعام من مصر فى البرّ والبحر، فصار الطعام فى المدينة كسعر مصر.

واستسقى عمر رضى الله عنه بالعبّاس بن عبد المطّلب عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ وذلك أنّ أهل بيت من مزينة، قالوا لصاحبهم وهو بلال بن الحارث: قد هلكنا، فاذبح لناشاة، فقال: ليس فيهنّ شىء، فلم يزالوا به حتّى ذبح فسلخ عن عظم أحمر، فنادى:

يا محمّداه! فأرى فى المنام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاه،


[١] الكامل لابن الأثير ٢: ٣٨٨.
[٢] ابن الأثير: «قبحها» .