أمراء السلطان تكش ومعه رجلان يقولون للسلطان:«إنك قد كتبت خطك وأمانك للتجار أن لا تتعرض إليهم، وقد غدرت ونكثت، والغدر قبيح على الملوك، فإن زعمت أن الذى ارتكبه ينال خان كان من غير أمرك فسلمه إلىّ لأجازيه على فعله، وإلا فأذن بالحرب» فلم يرسل ينال خان، وظن أنه إن لاطف جنكزخان، أطمعه، وأمر بقتل رسله، فقتلوا. فيالها من قتلة هدرت دماء الإسلام، وأجرت بكل قطرة سيلا من الدم الحرام. فعند ذلك تجهز جنكزخان لقصده.
[ذكر ما اعتمده السلطان من سوء التدبير لما قصده التتار]
كان أول ما اعتمده من سوء التدبير لنفاذ حكم العلى القدير أنه لما بلغه خبر التتار وقصدهم البلاد، عزم أن يبتنى سورا على مدينة سمرقند على كبرها ودورها، على ما قيل اثنى عشر فرسخا، ثم يشحنها بالرجال، لتكون سدا بينه وبين الترك. ففرق عماله فى سائر أقاليم مملكته، وأمرهم أن يستسلفوا خراج سنة خمس عشر وستماية برسم عمارة السور، فجبى خراجا كاملا وأعجله التتار فلم يتمكن من عمارته، ثم بعث الحياة مرة ثانية إلى سائر الممالك، وأمرهم بجباية خراج ثالث فى سنتهم، وهى سنة أربع عشرة وستماية، وأن يستخدم بذلك رجالة ورماة، يستخدم من كل بلد بقدر ما يتحصل من المال. ثم فرق عساكره بمدن ما وراء النهر وبلاد الترك فترك ينال خان بأترار فى عشرين ألف فارس