وكان من أشجع رجال صاحب الزنج، فخلع عليه وعلى غيره ممّن أتاه ووصلهم بصلات كثيرة. قال: ولما انقطعت الميرة والمواد عن صاحب الزنج أمر شبلا وأبا الندا وهما رؤساء قوّاده- وكان يثق بهم- بالخروج إلى البطيحة في عشرة آلاف من ثلاثة وجوه للغارة وقطع الميرة عن الموفّق، فسيّر الموفّق إليهم زيرك في جمع من أصحابه، فلقيهم بنهر ابن عمر فرأى كثرتهم فراعه ذلك، ثم استخار الله تعالى في قتالهم فحمل عليهم وقاتلهم، فقذف الله تعالى الرعب في قلوبهم فانهزموا، فوضع فيهم السيف وقتل منهم مقتلة عظيمة، وغرق منهم مثل ذلك وأسر خلقا كثيرا، وأخذ من سفنهم ما أمكنه أخذه، وغرق منها ما غرق، وكان ما أخذه من سفنهم نحو أربعمائة سفينة، وأقبل بالأسرى والرؤوس إلى مدينة الموفّق.
ذكر عبور الموفق الى مدينة صاحب الزنج وخروجه عنها وعوده اليها
قال: وفي ذى الحجّة سنة سبع وستين أيضا عبر الموفّق مدينة صاحب الزنج لست بقين من الشهر، وكان سبب ذلك أنّ جماعة من قوّاد صاحب الزنج، لما رأوا ما حلّ بهم من البلاء، من قتل من يظهر منهم، وشدّة الحصار على من لزم المدينة، وحال من خرج بالأمان، جعلوا يهربون من كل وجه ويخرجون إلىّ الموفّق، فلما رأى ذلك صاحب الزنج جعل على الطريق التى يمكنهم الهرب منها من يحفظها، فأرسل جماعة من القوّاد إلى الموفّق يطلبون الأمان، وأن يوجّه لمحاربة صاحبهم جيشا ليجدوا طريقا إلى المصير إليه، فأمر ابنه أبا العبّاس بالمصير إلى النهر