خمسين شذاة فقسمها بين ثلاثة من قوّاده، وأمرهم بالتعرض لعسكر الموفّق، وكانت شذاوات الموفّق يومئذ قليلة، لأنّه لم يصل إليه ما أمر بعمله، والتى كانت عنده منها فرّقها على أفواه الأنهار، ليقطع الميرة عن صاحب الزنج، فخافهم أصحاب الموفّق فورد عليهم الشذاوات التى كان الموفّق أمر بعملها، فسيّر ابنه أبا العباس يوردها خوفا عليها من الزنج، فلما أقبل بها رآها الزنج فعارضوها بشذاواتهم، فقصد غلام لأبى العبّاس منعهم وقاتلهم، فانكشفوا بين يديه وتبعهم حتى أدخلهم نهر أبى الخصيب، وانقطع عن أصحابه فعطفوا عليه فأخذوه ومن معه بعد حرب شديدة، فقتلوا وسلمت الشذاوات التى مع أبى العبّاس، وأصلحها ورتّب فيها من يقاتل، ثم أقبلت شذاوات صاحب الزنج على عادتها، فخرج إليهم أبو العبّاس في أصحابه، فقاتلهم فهزمهم وظفر منهم بعدّة شذاوات، فقتل منهم من ظفر به فيها، فمنع صاحب الزنج أصحابه من الخروج عن فناء قصره، وقطع أبو العبّاس الميرة عن الزنج فاشتد جزع الزنج، وطلب جماعة من وجوه أصحاب صاحب الزنج الأمان فأمّنوا؛ وكان منهم محمد ابن الحارث العمّى «١» ، وكان إليه ضبط السور مما يلى عسكر الموفق، فخرج ليلا فأمّنه الموفّق ووصله بصلات كثيرة له ولمن خرج معه، وحمله على عدّة دواب بآلاتها وحليتها، وأراد اخراج زوجته فلم يقدر، وأخذها صاحب الزنج فباعها؛ ومنهم أحمد البرذعى «٢» ،