للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصيدا محترقا، فأتبعه إسرافيل فنفخه نحو مغرب الشمس فانطلق لا يملك من نفسه شيئا حتى حاذى عيسى فقال: يابن مريم، لقد لقيت منك تعبا. ومرّت به النفخة حتى وقع فى العين الحامية التى تغرب الشمس فيها، فلبث سبعة أيام وسبع ليال، متى أراد الخروج منها غطّته الملائكة بأجنحتها، فما رام عيسى بعد ذلك. والله أعلم.

[ذكر خبر عيسى مع اليهود حين ظفروا به وأرادوا صلبه وقتله]

قال وهب: لمّا أوحى الله عز وجل إلى عيسى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ «١»

جزع من الموت جزعا شديدا وقال للحواريّين: هذا الزمان الذى يقبض الله فيه الراعى ثم تفرّق الرعيّة من بعده، فعرفوا أنه يعنى نفسه، فبكوا وجزعوا، فقال:

لا تبكوا من حزن الفراق. فسترون ما هو أشدّ منه، ولست مفارقكم حتى يظفر بى عدوّى ثم يأسروننى، فلا تدفعوا عنّى ولا تمنعوا. قال: وطلبه اليهود ليقتلوه فاستخفى منهم، فدلّهم عليه يوذا وهو الذى ارتدّ عنه، فأخذوه من غار جبل بيت لحم وجعلوا على رأسه إكليلا من الشّوك ليمثّلوا به، وجعلوا يلطمونه ويضربونه من خلفه ويقولون له: إن كنت نبيّا كما تزعم فامنع عن نفسك وادع ربك فليحل بيننا وبينك، وهو لا يكلّمهم حتى طلع الفجر، ونصبوا له خشبة ليصلبوه. فلمّا أرادوا أن يرفعوه عليها أظلم الجوّ ظلمة عظيمة لم تلبس الأرض مثلها، وأرسل الله الملائكة فحالوا بينهم وبينه وصلبوا مكانه يوذا الذى دلّ عليه، وأشرقت الشمس وقلب الله قلوب الناس وأبصارهم فجعلوا ينظرون إلى يوذا فى صورة عيسى. قال الله تعالى:

وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ «٢»

. قال: ولمّا رفعوا يوذا على الخشبة قال: