ولايتها، مضافا إلى ما بيده من الإقطاع. وكانت شحنكية العراق من أعظم الولايات. وسار السلطان عن بغداد وقد اطمأن من جهة العراق. ولم يطل مقام زنكى ببغداد حتى انتقل إلى ولاية الموصل.
[ذكر ولاية عماد الدين زنكى الموصل وأعمالها]
كانت ولاية عماد الدين زنكى الموصل وأعمالها فى سنة إحدى وعشرين وخمسماية. وسبب ذلك أن اقسنقر البرسقى لما قتل على ما ذكرناه، وولى بعده ابنه مسعود فى ثامن ذى القعدة سنة عشرين وخمسماية، فمات مسعود فى سنة إحدى وعشرين وهو يحاصر الرحبة. فلما مات قام بعده أخ له صغير، واستولى على البلاد جاولى مملوك أبيه، ودبر أمر الصبى وأرسل إلى السلطان يطلب تقرير أعمال الموصل على الصغير ولد اقسنقر البرسقى، وبذل الأموال الكثيرة على ذلك. وكان الرسول فى ذلك القاضى بهاء الدين على ابن القاسم الشهرزورى وصلاح الدين محمد [الباغسيانى]«١» أمير حاجب البرسقى، فسارا حتى حضرا دركاة السلطان ليخاطباه فى ذلك. وكانا يكرهان جاولى ويخافانه، ولا يرضيان بطاعته، فاجتمع صلاح الدين مع نصير الدين جغر الذى صار ينوب عن عماد الدين. فذكر له صلاح الدين ما ورد فيه، وكان بينهما صهارة.
فخوفه نصير الدين من جاولى، وقبح عنده طاعته، وقرر فى نفسه أن جاولى إنما أبقاه لحاجته إليه وأنه متى أجيب إلى مطلوبه لا يبقى على أحد منهم، وحسن له المخاطبة فى ولاية عماد الدين زنكى،