للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما قيل فى شواذّ المراثى:

من ذلك ما قالته جليلة بنت مرّة أخت جسّاس زوج كليب لما قتل أخوها جسّاس زوجها كليبا؛ وكان نساء الحىّ لما اجتمعن للمأتم قلن لأخت كليب:

رحّلى جليلة عنك فإن قيامها فيه شماتة وعار علينا عند العرب، فقالت لها: أخرجى عن مأتمنا، فأنت أخت واترنا وشقيقة قاتلنا، فخرجت وهى تجرّ أعطافها؛ فلقيها أبوها مرّة فقال لها: ما وراءك يا جليلة؟ فقالت: ثكل العدد، وحزن الأبد؛ وفقد حليل، وقتل أخ عن قليل؛ وبين ذلك [١] غرس الأحقاد، وتفّتت الأكباد. فقال لها: أو يكفّ ذلك كرم الصّفح وإغلاء الدّيات؟ فقالت جليلة: أمنيّة مخدوع وربّ الكعبة، ابا لبدن تدع لك وائل [٢] دم ربّها! قال: ولما رحلت جليلة قالت أخت كليب: رحلة المعتدى وفراق الشامت! ويل [غدا [٣]] لآل مرّة، من الكرّة بعد الكرّة! وبلغ قولها جليلة فقالت: وكيف تشمت الحرّة بهتك سترها وترقّب وترها! [أسعد الله أختى، ألا قالت: نفرة الحياء وخوف الأعداء [٣]] ثم أنشأت تقول:

يابنة الأقوام إن لمت فلا ... تعجلى باللوم حتى تسألى

فإذا أنت تبينت الذى ... يوجب اللوم فلومى واعذلى

إن تكن أخت امرئ ليمت على ... جزع منها عليه فافعلى

جلّ عندى فعل جسّاس فيا ... حسرتا عما انجلت أو تنجلى

فعل جسّاس على ضنّى به ... قاطع ظهرى ومدن أجلى


[١] كذا فى الكامل لابن الأثير (ج ١ ص ٢١٦ طبعة بلاق) . وفى الأصل: «وبين رزأين:
غرس الأحقاد ... » .
[٢] فى الكامل لابن الأثير: «تدع لك تغلب ... » .
[٣] زيادة من الكامل لابن الأثير.