للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى]

المملكة الحلبية، وخروجه عن الطاعة، ولحاق الأمير جمال الدين آقش الأفرم ومن انضم إليه من الأمراء به، وتجريد العساكر إليهم، وما كان من خبرهم إلى أن توجّهوا للعراق.

كانت هذه الحوادث فى سنة إحدى عشرة وبعض شهور سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، وقد رأينا أن نسردها بجملتها فى هذا الموضوع إلى نهايتها لتعلق بعضها ببعض، وذلك أن الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى كتب إلى السلطان فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة يسأل دستورا إلى الحجاز الشريف، وأرسل فى ذلك مملوكه علاء الدين مغلطاي، فأذن له فى ذلك، وأنعم عليه بألفى دينار عينا، فتوجه من حلب وفوض السلطان نيابة حلب فى غيبته إلى الأمير شهاب الدين قرطاى الحاجب، فلما وصل الأمير شمس الدين إلى أطراف بلاد البلقاء [١] بلغه أن السلطان قد جرد جماعة من مماليكه جرائد بالخيل والهجن، فخشى أن يكونوا جرّدوا لقصده والقبض عليه، فرجع إلى حلب وقصد الدخول إليها، فاجتمع الأمراء مع الأمير شهاب الدين قرطاى ومنعوه من ذلك، وأرسل إليه الأمير شهاب الدين يقول إنك توجّهت إلى الحجاز بدستور سلطانى، ونحن فلا نمكنك من العبور إلا بعد عودك من الحج وبمرسوم سلطانى. فطلب موجوده الذى بحلب فمنع من ذلك، فجاء الأمير حسام الدين مهنا وأرسل إلى الأمراء فى تمكنه من موجوده، وحلف أنهم متى استمروا على منعه منه هجم بمجموعة حلب ونهبها، فمكنوه من أخذ موجوده وانصرف عن حلب، وقصد جهة البرية.

ثم جهز ولده الأمير عز الدين فرج ونائبه [٧١] عبدون إلى الديار المصرية، وجهز مع ولده جملة من أمواله، فوصل إلى القاهرة فى أواخر ذى الحجة سنة إحدى عشرة وسبعمائة، وما علم مراده بذلك ولما وصل ولده عز الدين أحسن السلطان


[١] البلقاء: إحدى كور الشراة، وقاعدتها حيان، وهى بلدة صغيرة لها واد به أشجار وبساتين وزروع، ويتصل هذا الوادى بغور دمشق. والبلقاء على مرحلة من أريحا التى تقع غربها، وتكون بين دمشق ووادى القرى (صبح الأعشى ٤: ١٠٦، ومعجم البلدان: ٥٧٩ تحقيق فريد الجندى ط بيروت) .