للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واستهلت سنة أربع وسبعمائة]

فى هذه السنة عزل الأمير سيف الدين بنخاص من نيابة السلطنة بالمملكة الصفدية، وأحضر إلى الأبواب السلطانية، واستقر فى جملة الأمراء مقدمى الألوف، وفوّضت نيابة السلطنة بالمملكة الصفدية للأمير شمس الدين سنقرجاه المنصورى، فتوجّه إليها، وكان من الأمراء مقدمى الألوف بالديار المصرية.

ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف.

قد قدمنا أن الجامع الحاكمى بالقاهرة تداعت أركانه وسقط بنيانه، وأن الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير أستاذ الدار العالية انتدب لعمارته، فحصل الشروع فيها فى أوائل سنة ثلاث وسبعمائة، ووقع الاهتمام بأمر العمارة حتى عاد أحسن ما كان، وانصرف عليه جملة كثيرة، وتكاملت عمارته فى هذه السنة، ووقف الأمير ركن الدين من أملاكه على مصالحه- التى تذكر- أملاكا يتحصل من ريعها جملة فى كل شهر، ورتّب به من الدروس والتصدرات وغير ذلك من جهات البرّ ما نذكره، وقدّر لهم من المعلوم، وهو: دروس الفقه على المذاهب الأربعة: الشافعية، والمالكية، والحنفية، والحنابلة، وولّى تدريس ذلك قضاة القضاة الأربعة وهم: قاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى [١] ، وقاضى القضاة زين الدين على بن مخلوف [٢] المالكى، وقاضى القضاة شمس الدين أحمد السروجى [٣] الحنفى، وقاضى القضاة شرف الدين عبد الغنى الحرّانى الحنبلى [٤] ، ورتّب لكل واحد منهم عن وظيفة التدريس فى كل شهر مائة درهم وثلاثين درهما نقرة، وجعل لكلّ درس معيدين، ورتّب لكل واحد منهما فى كل شهر خمسين درهما، ورتّب للطلبة لكل مذهب فى كل شهر ثلاثمائة نقرة، ورتّب درس حديث فرض تدريسه للشيخ سعد الدين مسعود [٥] الحارثى وجعل له ولمعيدين ولطلبة نظير ما لطائفة من الطوائف المذكورة.

ورتب فيه ميعادا للعامة جعل شيخه القاضى مجد الدين بن الخشاب، ورتب له


[١] انظر مراجع ترجمته فى ص ٧.
[٢] انظر مراجع ترجمته فى ص ٩٠.
[٣] انظر مراجع ترجمته فى ص ٩١.
[٤] انظر مراجع ترجمته فى ص ٩١.
[٥] هو سعد الدين مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثى الحنبلى توفى سنة ٧١١ هـ، وأنظر البداية والنهاية ١٤: ٦٤، وذيول العبر ص ٦٤، والسلوك ٢: ١١٣، وحسن المحاضرة ١: ٣٥٨، وشذرات الذهب ٦: ٢٨.