للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخذه تارح وانصرف إلى منزله، وقال: يا بنىّ، إنّ لى عليك حقّا. وأسألك بحقّى عليك أن تلازمنى فى عملى وبيع هذه الأصنام كما يفعل إخوتك. قال: كيف أبيع ما أبغضه؟ قال: ما عليك أن تبيعها؟ وأخرج له صنمين صغيرا وكبيرا، وقال:

بع هذا بكذا، وهذا بكذا. قال: يا أبت أنت تعبد هذه الأصنام على أنّها ترزقك وهى الّتى خلقتك؟ قال: نعم. فقال له ما أخبرنا الله به فى قوله: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً* يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا* يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا

فغضب تارح من قوله وقال: أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا

قال إبراهيم: سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا.

وقال: وكان إبراهيم يخرج ومعه غلامان ومعهما صنمان، فيقول: من يشترى ما لا يضرّ ولا ينفع ولا يدفع الذّباب عن نفسه؛ وكان يغمسهما فى الماء ويقول:

اشربا. ويشدّ الحبل فى أرجلهما ويجرّهما، والناس يعظمون ذلك ولا يجسرون يكلّمونه لمكان أبيه من نمروذ.

ذكر معجزة لإبراهيم- عليه الصلاة والسلام-

قال: وبينما إبراهيم قاعدا إذ جاءته امرأة عجوز، فقالت: بعنى أحد هذين الصنمين، واختر لى أجودهما. فقال: هذا أكثر حطبا من هذا. قالت: لست أريده للوقود، وإنّما أريد أن أعبده، فقد كان لى إله سرق فى جملة ثياب كثيرة