للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما قيل في إباحة المطبوخ]

والمطبوخ يسمّى الظّلاء وهو الذى طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه. سمّى بذلك لأنه شبيه بطلاء الإبل في ثخنه «١» وسواده. وقد اختلف العلماء في المطبوخ، فقال بعضهم: كلّ عصير طبخ حتى ذهب نصفه فهو حلال إلا أنه يكره، وإن طبخ حتى ذهب ثلثاه وبقى ثلثه فهو حلال مباح شربه وبيعه إلا أن السكر منه حرام. وحجتهم في ذلك ما روى: أن عمر بن الخطّاب رضى الله عنه كتب إلى بعض عماله: أن ارزق المسلمين من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه. وعن عبد الله بن يزيد الخطمىّ قال: كتب الينا عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أمّا بعد، فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان في عود الكرم، فإن له اثنين ولكم واحد. وعن أنس بن مالك رضى الله عنه: أنّ نوحا عليه السّلام لمّا نازعه الشيطان في عود الكرم فقال: هذا لى، وقال: هذا لى؛ فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها. وسئل سعيد بن المسيّب: ما الشراب الذى أحلّه عمر رضى الله عنه؟

فقال: الذى يطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه. وحكى أن أبا موسى الأشعرىّ وأبا الدرداء كانا يشربان من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه. وعلى الجملة فمجموع هذه الأخبار في مثلّث «٢» لم يسكر البتة. ودليل ذلك ما حكى عن عبد الله بن عبد الملك ابن الطفيل الخزرجىّ قال: كتب الينا عمر بن عبد العزيز: ألّا تشربوا من الطّلاء حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، وكلّ مسكر حرام. هذا الذى عليه أكثر العلماء.

وقال قوم: اذا طبخ العصير أدنى الطبخ صار حلالا، وهو قول إسماعيل بن عليّة