فى هذه السنة توجه الملك السلطان الظاهر إلى الشام فى مستهل شعبان «١» ، واستناب بقلعة الجبل الأمير عز الدين أيدمر الحلى، وجعله فى خدمة ولده الملك السعيد هو والصاحب بهاء الدين، وتوجه، وكان فى سفرته هذه من فتوح صفد والغارات على بلاد الفرنج ما نذكره، إن شاء الله تعالى.
ذكر عمارة جسر دامية «٢»
وفى جمادى الأول سنة أربع وستين وستمائة، رسم السلطان ببناء جسر على نهر الأردن، وهو النهر الذى يشق غور الشام، ويسمونه الشريعة. وهذا الجسر هو بقرب دامية، فيما بينها وبين فراوى. واتفق فيه أعجوبة لم يسمع بمثلها: وذلك أن السلطان ندب الأمير جمال الدين بن نهار المهندار لعمارته، ورسم أن يكون خمس قناطر، واجتمع الولاة لذلك ومنهم: الأمير بدر الدين محمد بن رحال متولى نابلس وحصلوا الأصناف وجمعوا الصناع، وعمروه على ما رسم به السلطان. فلما تكاملت عمارته وتفرق ذلك الجمع اضطرب بعض أركان الجسر، فقلق السلطان لذلك وأنكر عليهم وأعادهم لإصلاح ذلك. فتعذر عليهم لزيادة الماء وقوة جريانه، فأقاموا كذلك أياما وقد تيقنوا العجز عنه.
فلما كان فى الليلة المسفرة عن السابع عشر من شهر ربيع الأولى سنة ست وستين