[ذكر حج إبراهيم عليه السلام وإذنه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم]
قال أبو الوليد عن محمد بن إسحاق: لما فرغ إبراهيم خليل الرحمن من بناء البيت الحرام، جاءه جبريل عليه السلام فقال: طف به سبعا، فطاف به سبعا، هو وإسماعيل.
يستلمان الأركان كلّها فى كل طواف، فلما أكملا سبعا، صلّيا خلف المقام ركعتين.
قال: فقام معه جبريل فأراه المناسك كلها: الصّفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة.
فلما دخل منى وهبط من العقبة، مثّل له إبليس عند جمرة العقبة، فقال له جبريل:
ارمه، فرماه بسبع حصيات، فغاب عنه؛ ثم برزله عند الجمرة الوسطى، فقال له جبريل:
ارمه، فرماه إبراهيم بسبع حصيات، فغاب عنه؛ ثم برز له عند الجمرة السفلى، فقال له جبريل: ارمه، فرماه بسبع حصيات مثل حصى الحذف، فغاب عنه إبليس؛ ثم مضى إبراهيم فى حجه وجبريل يوقفه على المواقف ويعلمه المناسك حتّى انتهى إلى عرفة.
فلما انتهى إليها، قال له جبريل: أعرفت مناسكك؟ قال: نعم، قال: فسميت عرفات بذلك. قال: ثم أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذّن فى الناس بالحج، فقال إبراهيم: يا ربّ وما يبلغ صوتى؟ قال الله جل ثناؤه: أذّن، وعلىّ البلاغ، قال:
فعلا إبراهيم على المقام فأشرف به حتّى صار أرفع الجبال وأطولها فجمعت له الأرض يومئذ: سهلها، وجبلها، وبرّها، وبحرها، وإنسها، وجنّها حتّى أسمعهم جميعا، فأدخل إصبعيه فى أذنيه وأقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وبدأ بشق اليمين فقال:
«أيها الناس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق، فأجيبوا ربكم» فأجابوه من تحت التخوم السبعة، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أقطار الأرض كلها: