للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر دولة المهدى محمد الثانية]

قال «١» : ولما انهزم سليمان دخل محمد بن هشام بن عبد الجبار قرطبة ومعه الفرنج فأفسدوا غاية الفساد، ونهبوا الأموال، واستطالوا على الناس ثم سألهم المهدىّ وواضح المسير معهما لقتال البربر فخرجوا كلّهم، والتقوا بالبربر بوادى لدة «٢» لستّ خلون/ من ذى القعدة، واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم واضح وابن عبد الجبار والفرنج أقبح هزيمة، وقتل فى المعركه يلبق غلام واضح ومؤمن الصقلبى، وتخلّف ابن زرزور مولى الحكم وغيرهم. وقتل من الفرنج أكثر من ثلاثة آلاف وغرق فى البحر كثير، واحتوى البربر على ما فى معسكرهم، ووصل المنهزمون إلى قرطبة فى اليوم الثانى من الوقعة فزاد حنق الفرنج وعاثوا بقرطبة وقتلوا كلّ من يشبّه بالبربر بها. فسألهم محمد وواضح، ورغبا إليهم فى الرجوع معهم لقتال البربر، فأبوا عليهما وقالوا: قد قتل ملكنا وخيارنا ووجوهنا! وفارقوا مدينة قرطبة وعادوا إلى بلادهم، وكان رحيلهم عنها لشدّة خوفهم من البربر، حتى كان الرجل من أهلها يلقى الآخر فيعزيه كما يعزّى من فقد أهله وماله! ثم فرض محمد بن عبد الجبار على أهل قرطبة مالا فأدّوه، وتهيأ للخروج وخرج بواضح وأهل قرطبة والعبيد لقصد البربر. فلما ساروا ثلاثين ميلا كرّوا راجعين إلى قرطبة، وأقام من ورائه سورا