قال: ولما مات السفّاح صلّى عليه عمه عيسى بن على، ودفنه بالأنبار العتيقة. وخلف تسع جباب وأربعة أقمصة وخمس سراويلات وأربعة طيالسة وثلاث مطارف خز.
قيل: نظر السفاح يوما فى المرآة فقال: اللهم إنى لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك: أنا الملك الشاب، ولكنى أقول: اللهم عمّرنى طويلا فى طاعتك، متمتعا بالعافية، فما استتم كلامه حتى سمع غلاما يقول لغلام:
الأجل بينى وبينك شهران وخمسة أيام، فتطيّر من كلامه، وقال: حسبى الله ولا قوة إلا بالله عليه توكلت وبه أستعين. فما مضت الأيام حتى أخذته الحمى، ومات بعد شهرين وخمسة أيام.
[ذكر خلافة المنصور]
هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، وأمّه سلامة بنت بشر بن يزيد، وهو الثانى من خلفاء بنى العباس. وكان أخوه السفاح قبل وفاته قد عقد البيعة له فى هذه السنة، وجعله ولىّ عهد المسلمين من بعده، وجعل من بعده ولد أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن على، وجعل العهد فى ثوب وختمه بخاتمه وخواتيم أهل بيته ودفعه إلى عيسى بن موسى «١» ، فلما توفى السفاح كان أبو جعفر بمكة، فأخذ البيعة له عيسى بن موسى، وكتب إلى أبى جعفر يعلمه بوفاة السفاح والبيعة له، فلقيه الرسول بمنزل صفيّة «٢» ، فقال: صفت لنا إن شاء الله، وكتب إلى أبى مسلم يستدعيه، وكان قد حجّ أيضا وقد تقدّم المنصور فأقبل إليه، فلما جلس ألقى إليه الكتاب فقرأه وبكى واسترجع، ونظر إلى أبى جعفر وقد جزع جزعا شديدا، فقال: ما هذا الجزع وقد أتتك الخلافة؟ فقال أتخوّف شرّ عمى