ماردين. وملكها المسلمون. فإن لم يكن عماد الدين زنكى فتحها فهو سبب فتحها.
[ذكر مقتل عماد الدين زنكى]
كا مقتله رحمه الله لخمس مضين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسماية. وذلك أنه كان يحاصر قلعة جعبر، وكانت بيد سالم بن مالك العقيلى منذ سلمها السلطان ملكشاه إلى أبيه، عوضا عن قلعة حلب كما تقدم فى أخبار السلجقية. فحاصرها عماد الدين الآن وأقام عليها إلى هذا التاريخ، فدخل عليه نفر من مماليكه فقتلوه غيلة، وهربوا إلى القلعة ولم يشعر أصحابه. فلما صعد أولئك النفر إلى القلعة صاح من بها بالعسكر، وأعلموهم بقتل صاحبهم، فبادر أصحابه إليه فأدركوه وبه رمق. ثم مات رحمه الله تعالى وكان عمره نحوا من أربع «١» وستين سنة، ومدة ملكه منذ ولى الموصل وإلى أن قتل عشرين سنة.
وكان حسن الصورة أسمر اللون، وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته، عظيم السياسة لا يقدر القوى معه على ظلم الضعيف وكانت البلاد قبل أن يملكها خرابا من الظلم، وتنقل الولاة، ومجاورة الفرنج، فعمرها وامتلات بأهلها وغير أهلها. وكان ينهى أصحابه عن اقتناء الأملاك ويقول: «مهما كانت البلاد لنا فأى حاجة لكم إلى أملاك؟ فإن خرجت عن أيدينا فالأملاك تذهب معها، ومتى