فتخلّوا عنها، وأطلقوا عقالها، وخلّوا سبيلها، ينتدب إليها آل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذين شرّدتموهم فى البلاد، ومزّقتموهم فى كل واد، بل تثبت فى أيديكم لانقضاء المدّة، وبلوغ المهلة، وعظم المحنة؛ إنّ لكلّ قائم قدرا «١» لا يعدوه، ويوما لا يخطوه، وكتابا بعده يتلوه، «لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها»«وسيعلم الّذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون» . ثم التمس الرجل فلم يوجد.
ومن كلام قطرىّ بن الفجاءة-
وكان من البلغاء الأبطال، فمن ذلك خطبته المشهورة التى قال فيها:
أما بعد، فإنى أحذّركم الدنيا فإنها حلوة خضرة، حفّت بالشهوات، وراقت بالقليل، وتحببت بالعاجلة، وحليت بالآمال، وتزيّنت بالغرور؛ لا تقوم «٢» نضرتها، ولا تؤمن فجيعتها؛ غرّارة ضرّارة، وحائلة زائلة، ونافدة بائدة «٣» ، أكّالة غوّالة؛ لا تعدو اذا تناهت الى أمنيّة أهل الرغبة فيها والرضا عنها أن تكون كما قال الله تعالى: كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً
مع أن امرا لم يكن معها «٤» فى حبرة (أى السرور) ، إلا أعقبته بعدها حسرة، ولم يلق من سرّائها بطنا إلا منحته من ضرّائها ظهرا، ولم تصله «٥» غيثة رخاء، إلّا هطلت عليه مزنة بلاء؛ وحريّة اذا أصبحت له منتصرة، أن