ويذكر على المنابر اسمك، وفى المحاضر ذكرك؛ ففيم أنت الآن من الأمر؟ وما العوض مما ذكرت وعددت، والخلف عمّا وصفت؟ وما استفدت حين أخرجت من الطاعة نفسك، ونفضت منها كفّك، وغمست فى خلافها يدك؟ وما الذى أظلّك بعد انحسار ظلّها عنك؟ أظلّ ذو ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغنى من الّلهب؟
قل: نعم، فذاك والله أكنف ظلالك فى العاجلة، وأروحها فى الآجلة؛ إن أقمت على المحادّة والعنود «١» ، ووقفت على المشاقّة والجحود.
ومنه: تأمّل حالك وقد بلغت هذا الفصل من كلامى فستنكرها «٢» ، والمس جسدك فانظر هل يحسّ، واجسس عرقك هل ينبض، وفتّش ما حنى عليه اضلاعك هل تجد فى عرضها قلبك؟ وهل حلا بصدرك أن تظفر بفوت مزيح «٣» أو موت مريح؟ ثمّ قس غائب أمرك بشاهده، وآخر شأنك بأوّله.
[وكتب الصاحب أبو القاسم كافى الكفاة فى وصف كتاب:]
ومن هو الذى لا يحبّه وهو علم الفضل، وواسطة الدهر؛ وقرارة الأدب والعلم، ومجمع الدّراية والفهم؛ أمن يرغب عن مكاثرة بمن «٤» ينسب الربيع الى خلقه، ويكتسب محاسنه من طبعه، ويتوشّح بأنواره، ويتوضّح بآثار لسانه ويده؟ وصل كتابه، فارتحت لعنوانه قبل عيانه، حتى اذا فضضت ختامه أقبلت الفقر تتكاثر، والدّرر تتناثر؛ والغرر تتراكم، والنّكت تتزاحم؛ فإذا حكمت للفظة بالسّبق أتت أختها تتنافس «٥» ،