يجوز له سماع الدعوى منه. فإن تعرّض القاضى لذلك فقد خرج عن منصب ولايته وصار متجوّزا فى قاعدة نظره.
والثانى- أنّ للناظر فى الحسبة من سلاطة السّلطنة واستطالة الحماة فيما تعلّق بالمنكرات ما ليس للقضاة؛ لأنّ الحسبة موضوعة على الرّهبة، فلا يكون خروج المحتسب إليها بالسّلاطة والغلظة تجوّزا فيها ولا خرقا. والقضاء موضوع للمناصفة فهو بالأناة والوقار أخصّ، وخروجه عنهما الى السّلاطة تجوّز وخرق، لأنّ موضوع كلّ واحد من المنصبين مختلف، فالتجاوز فيه خروج عن حدّه.
وأمّا ما بين الحسبة والمظالم من موافقة ومخالفة
وأمّا ما بين الحسبة والمظالم- فبينهما شبه مؤتلف، وفرق مختلف. فأما الشّبه الجامع بينهما فمن وجهين:
أحدهما- أنّ موضوعهما على الرّهبة المختصّة بسلاطة السّلطنة وقوّة الصّرامة.
أحدهما- أنّ النّظر فى المظالم موضوع لما عجز عنه القضاة، والنظر فى الحسبة موضوع لما رفّه عنه القضاة؛ ولذلك كانت رتبة المظالم أعلى، ورتبة الحسبة أخفض، وجاز لوالى المظالم أن يوقّع الى القضاة والمحتسبة، ولم يجز للقاضى أن يوقّع الى والى المظالم وجاز له أن يوقّع الى المحتسب، ولم يجز للمحتسب أن يوقّع الى واحد منهما.
فهذا فرق.
والثانى- أنه يجوز لوالى المظالم أن يحكم، ولا يجوز ذلك للمحتسب.
وحيث قدّمنا هذه المقدّمة فى أوضاع الحسبة، فلنذكر ما تشتمل عليه ولايتها.