الباب الثانى من القسم الرابع من الفنّ الخامس فى أخبار ملوك الأصقاع، وهم ملوك الهند والصين والترك وجبل الفتح وملوك مصر
[ذكر أخبار ملوك الهند]
قال المسعودى فى مروج «١» الذهب: ذكر جماعة من أهل النظر والبحث الذين واصلوا البحث والعناية بتأمّل شأن هذا العالم [وبدئه «٢» ] أنّ الهند كانت فى قديم الزمان الفرقة التى فيها الصلاح والحكمة، وأنه لمّا تجيّلت الأجيال وتحزّبت الأحزاب حاولت الهند أن تضمّ المملكة وتستولى على الحوزة وتكون الرياسة فيها. قال كبراؤهم: نحن كنّا أهل البدء وفينا التناهى، ولنا الغاية والصدر والأنتهاء، ومنّا سرى الأب الى الأرض، فلا شاقّنا أحد ولا عاندنا ولا أراد بنا الاغتماص «٣» إلّا أتينا عليه وأبدناه أو يرجع «٤» الى طاعتنا. فأجمعت على ذلك رأيها ونصبت لها ملكا، وهو «البرهمن» الأكبر والملك الأعظم، واليه تنسب طائفة البراهمة بالهند، لا الى إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلّم. وهذا «البرهمن» هو الإمام المقدّم فيهم الذى ظهرت فى أيامه الحكمة وتقدّمت العلماء، وأمر باستخراج الحديد من معادنه، وضربت فى أيامه السيوف والخناجر وكثير من أنواع السلاح وآلات القتال، وشيّد الهياكل ورصّعها بالجواهر النفيسة المشرقة، وصوّر فيها الأفلاك والبروج الاثنى عشر برجا والكواكب، وبيّن بالصورة