من الأدقال الساج، وكان قطعها قد تعذّر عليهم فأدخلوا تلك السفن التى فيها القصب والنفط وأضرموها نارا، فوافت القنطرة فأحرقنها فوصل النجّارون بذلك إلى ما أرادوا، وأمكن أصحاب الشذا دخولهم النهر فدخلوا، وقتلوا الزنج حتى أجلوهم عن مواقفهم إلى الجسر الأوّل الذى يتلو هذه القنطرة، وقتل من الزنج كثير واستأمن كثير، ووصل أصحاب الموفّق إلى الجسر وقت المغرب، فكره الموفّق أن يدركهم الليل فأمرهم بالرجوع، وأثاب المحسن على قدر احسانه ليزدادوا جدا فى حرب عدوّه، وأخرب من العد برجين حجارة كانوا عملوهما، ليمنعوا الشذا من الخروج منه إذا دخلته، فلما أخربهما سهل له ما أراد من دخول النهر والخروج منه.
ذكر انتقال صاحب الزنج الى الجانب الشرقى واحراق سوقه
قال: لما أحرقت دور صاحب الزنج وقصوره ومنازل أصحابه، كما قدّمنا ذكر ذلك- ونهبت أموالهم انتقلوا إلى الجانب الشرقى من نهر أبى الخصيب، وجمع عياله حوله ونقل أسواقه، فضعف أمره بذلك ضعفا شديدا، ظهر للناس وامتنعوا من جلب الميرة إليه، فانقطعت عنه كل مادّة، وبلغ الرطل من خبز البرّ عشرة دراهم، فأكّلوا الشعير وأصناف الحبوب، ثم لم يزل الأمر بهم إلى أن كان أحدهم يأكل صاحبه إذا انفرد به، والقوى يأكل الضعيف، ثم أكلوا أولادهم، ورأى الموفّق أن يخرب الجانب الشرقى كما أخرب الغربىّ، فأمر أصحابه بقصد دار الهمدانىّ ومعهم الفعلة، وكان هذا الموضع محصّنا بجمع كثير،