[وأما ما يختص بنظر متولى المظالم وتشتمل عليه ولايته فعشرة أقسام:]
الأوّل- النظر فى تعدّى الولاة على الرعيّة وأخذهم بالعسف فى السّيرة، فهذا من لوازم النظر فى المظالم، فيكون لسير الولاة متصفّحا، وعن أحوالهم مستكشفا، ليقوّيهم إن أنصفوا، ويكفّهم إن عسفوا.
والثانى- جور العمال فيما يجبونه من الأموال؛ فيرجع فيه الى القوانين العادلة فى الدواوين، فيحمل الناس عليها ويأخذ العمال بها. وينظر فيما استزادوه، فإن رفعوه الى بيت المال أمر بردّه، وإن أخذوه لأنفسهم استرجعه منهم لأربابه.
والثالث- كتّاب الدواوين، لأنهم أمناء المسلمين على بيوت أموالهم فيما يستوفونه ويوفونه منها؛ فيتصفّح أحوال ما وكل اليهم، فإن عدلوا عن حق فى دخل أو خرج الى زيادة أو نقصان، أعاده الى قوانينه، وقابل على تجاوزه. وهذه الأقسام الثلاثة لا يحتاج والى المظالم فى تصفّحها الى متظلّم.
والرابع- تظلّم المسترزقة من نقص أرزاقهم أو تأخيرها عنهم وإجحاف النّظّار بهم؛ فيرجع الى ديوانه فى فرض العطاء العادل فيجريهم عليه. وينظر فيما نقصوه أو منعوه، فإن أخذه ولاة أمورهم استرجعه لهم، وإن لم يأخذوه قضاه من بيت المال.
كتب بعض ولاة الأجناد الى المأمون أنّ الجند شغبوا ونهبوا. فكتب اليه:
لو عدلت لم يشغبوا، ولو قويت لم ينهبوا. وعزله عنهم وأدرّ عليهم أرزاقهم.