فى سنة أربع وأربعين وخمسماية، استولى الملك العادل [نور الدين] على سنجار، وكانت بيد أخيه قطب الدين، ملكها بعد وفاة سيف الدين غازى، ثم حصل الاتفاق بينهما على أن يكون نور الدين صاحب حلب وحمص والرحبة والشام؛ وقطب الدين بالموصل وديار الجزيرة، وسلم سنجار لأخيه قطب الدين، وأخذ نور الدين ما كان من الذخائر بسنجار، وكانت كثيرة جدا، وعاد إلى حلب وقد حصل الاتفاق بينه وبين أخيه.
[ذكر ملكه مدينة دمشق]
وفى سنة تسع وأربعين وخمسماية ملك دمشق من مجير الدين أبق بن محمد بن بورى بن طغرلتكين. وسبب قصده لها أن الفرنج ملكوا فى السنة التى قبل هذه السنة مدينة عسقلان، واستولوا على تلك النواحى، فلم يتمكن نور الدين من غزوهم ودفعهم، لأن دمشق تحول بينه وبينهم. ولم تمكنه مفاجأة صاحبها لعلمه أنه إن سار إليها راسل صاحب دمشق الفرنج واستنجد بهم. وكان قد استقر لهم ضريبة على دمشق تحمل إليهم فى كل سنة، ويحضر رسلهم لقبضها، فزاد استيلاؤهم إلى أن أخذوا كل من فيها من الغلمان والجوارى، بحيث أنهم يطلبون الغلام أو الجارية ويخيروه، فان أختار الرجوع إليهم أخذوه، اختار مولاه أو امتنع؛ وان اختار