للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحضرون إليه بالسجن وأنه يعظهم ويتكلم فى أثناء وعظه بما يشبه ما تقدم من كلامه، فأمر بنقله إلى ثغر الإسكندرية واعتقاله هناك فجهز إلى الثغر فى هذا التاريخ وحبس ببرج شرقى واستمر به إلى أن عادت الدولة الناصرية ثالثا فتحدث مع السلطان فى يوم السبت ثامن عشر شوال سنة تسع وسبعمائة فأكرمه السلطان وجمع القضاة وأصلح بينه وبين قاضى القضاة زين الدين المالكى فأشرط عليه قاضى القضاة أن يتوب عما تقدم الكلام فيه [٣٨] ويتوب عنه ولا يعود إليه فقال السلطان: قد تاب وانفصل المجلس على خير وسكن الشيخ تقى الدين بالقاهرة ببعض القاعات وتردد الناس إليه واستمر إلى أن توجه السلطان إلى الشام فى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة، فتوجه بنية الغزاة، وأقام بدمشق إلى أن سطرنا هذه الأحرف فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وكان له فى غضون هذه المدة بدمشق وقائع نذكرها [١] فى مواضعها إن شاء الله تعالى ولنرجع إلى تتمة سياقة الحوادث فى سنة خمس وسبعمائة.

[وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة]

وفر الأمير بدر الدين بكتاش البدرى الصالحى النجمى أمير سلاح من الخدمة، وقطع خبره وجعل له مرتب فى كل شهر وأقر مماليكه وأجناده على إقطاعاتهم، الشاهد بها مدرج [٢] عرضه إلى آخر وقت وجعلوا فى جملة رجال الحلقة المنصورة، وأضيفوا إلى مقدمين من أعيانهم وارتجع خاصة إلى الخاص السلطانى، ورسم بمسامحته بما يلزمه من التفاوت فيما بين السنة الشمسية والقمرية وكان جملة كثيرة لو طولب لها استغرقت أمواله وموجوده ولم يف بها، وكا ولده الأمير ناصر الدين محمد قد علم عجز والده عن الخدمة وضعف نظره وتحقق من حال الأمراء أنهم عزموا على قطع خبزه فسعى هو معهم فى ذلك وذكر عجز والده فأجيب إلى ملتمسه وتألم [٣] الأمير بدر الدين المذكور لذلك ألما [٤] شديدا وسب ولده الأمير ناصر الدين والذى حضر بالرسالة أيضا، وهو


[١] كذا فى ك، وف. وفى ص «وقائع تذكر فى موضعها» .
[٢] المدرج، والدرج: الكتاب أو المرسوم الخاص بإقطاعهم، ومن شأنه أن يكتب على ورق خاص. وانظر صبح الأعشى ١: ١٣٨.
[٣] فى ك «ما التمسه» والمثبت من ص، وف.
[٤] فى ك «تألما» والمثبت من ص، وف.