للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما والذى أبكى وأضحك والذى ... أمات وأحيا والذى أمره الأمر

لقد تركتنى أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما الذّعر

[ذكر نبذة من أخبار إبراهيم الموصلى مع البرامكة رحمهم الله تعالى]

كان لإبراهيم الموصلىّ مع البرامكة أخبار مستحسنة، سنورد منها طرفا. منها ما حكى عن مخارق قال:

أذن لنا أمير المؤمنين الرشيد أن نقيم في منازلنا ثلاثة أيام وأعلمنا أنه يشتغل فيها مع الحرم. فمضى الجلساء أجمعون الى منازلهم وقد أصحبت السماء متغيّمة تطشّ طشيشا خفيفا. فقلت: والله لأذهبنّ الى أستاذى إبراهيم فأعرف خبره ثم أعود، وأمرت من عندى أن يسوّوا لنا مجلسا الى وقت رجوعى. فجئت الى إبراهيم، فدخلت اليه، فإذا هو جالس في رواق له والستارة منصوبة والجوارى خلفها؛ فدخلت أترنّم ببعض الأصوات وقلت له: ما بال السّتارة لست أسمع من ورائها صوتا؟ فقال: اقعد ويحك! إنى أصبحت فجاءنى خبر ضيعة تجاورنى قد والله طلبتها زمانا وتمنيتها ولم أملكها، وقد أعطى بها مائة ألف درهم. فقلت له: ما يمنعك منها؟

فو الله لقد أعطاك الله أضعاف هذا المال وأكثر. قال: صدقت، ولكن لست أطيب نفسا بأن أخرج هذا المال. فقلت: فمن يعطيك الساعة مائة ألف درهم؟

قال «١» : والله ما أطمع في ذلك من الرشيد، فكيف بمن دونه! ثم قال: اجلس، خذ هذا الصوت. ثم نقر بقضيب على الدّواة وألقى علىّ هذا الصوت:

نام الخلّيون من همّ «٢» ومن سقم ... وبتّ من كثرة الأحزان لم أنم