يا طالب الجود والمعروف مجتهدا ... اعمد ليحيى حليف الجود والكرم
قال: فأخذت الصوت وأحكمته. ثم قال لى: انصرف الى الوزير يحيى بن خالد فإنك تجد الناس على بابه قبل أن يفتح الباب، ثم تجد الباب قد فتح ولم يجلس بعد، فاستأذن عليه قبل أن يصل اليه أحد، فإنه ينكر مجيئك ويقول: من أين أقبلت فى هذا الوقت؟ فحدّثه بقصدك إيّاى وما ألقيت إليك من خبر الضيعة وأعلمه أنى قد صنعت هذا الصوت وأعجبنى ولم أر أحدا يستحقه إلا جاريته فلانة، وأنى ألقيته عليك [حتى أحكمته «١» ] لتطرحه عليها؛ فسيدعوها ويأمر بالستارة فتنصب ويوضع لها كرسىّ ويقول لك: اطرحه عليها بحضرتى؛ فافعل وأتنى بما يكون بعد ذلك من الخبر. قال مخارق: فجئت الى باب يحيى بن خالد فوجدته كما وصف. وسألنى فأعلمته بما أمرنى به؛ ففعل كل شىء قاله لى إبراهيم وأحضر الجارية فألقيته عليها.
ثم قال لى: تقيم عندنا يا أبا المهنّأ أو تنصرف؟ فقلت: بل أنصرف، أطال الله بقاءك، فقد علمت ما أذن لنا فيه. فقال يا غلام، احمل مع أبى المهنّأ عشرة آلاف درهم واحمل الى أبى إسحاق مائة ألف درهم ثمن هذه الضيعة. فحملت عشرة الآلاف معى، وأتيت منزلى وقلت: أسرّ يومى هذا وأسرّ من عندى. ومضى الرسول بالمال الى إبراهيم؛ فدخلت منزلى ونثرت على من عندى دراهم من تلك البدرة وتوسّدتها وأكلت وشربت وطربت وسررت يومى كلّه. فلما أصبحت قلت: والله لآتينّ أستاذى ولأعرفنّ خبره؛ فأتيته فوجدته كهيئته بالأمس ملى مثل ما كان عليه، فترنّمت وطربت فلم يتلقّ ذلك بما يجب؛ فقلت: ما الخبر؟ ألم يأتك المال بالأمس؟! فقال: بلى، فما كان خبرك أمس؟ فأخبرته بما كان وقلت: ما تنتظر؟
فقال: ارفع السّجف، فرفعته فإذا عشر بدر؛ فقلت: فأىّ شىء بقى عليك في أمر