من فى القصر يطلبون الأمان، فأبى مصعب، فنزلوا على حكمه، فقتل من العرب سبعمائة أو نحو ذلك، وسائرهم من العجم، فكان عدة القتلى ستّة آلاف رجل، وقيل: سبعة آلاف، وذلك فى سنة [٦٧ هـ] سبع وستّين، وكان عمر المختار يوم قتل سبعا وستّين سنة، وكان تارة يدعو لمحمد ابن الحنفيّة، وتارة لعبد الله بن الزبير.
وحكى عبد الملك بن عبدون فى كتابه المترجم (كمامة الزّهر وصدفة الدّرر) ، أن المختار ادّعى النبوّة وقال: إنه يأتيه الوحى من السماء، وأظهر ذلك فى آخر أمره، وكان له كرسى يستنصر به.
[ذكر خبر كرسى المختار الذى كان يستنصر به ويزعم أنه فى كتاب بنى إسرائيل]
قال الطّفيل بن جعدة بن هبيرة: أضقت «١» إضاقة شديدة، فخرجت يوما فإذا جار لى زيّات وعنده كرسىّ قد ركبه الوسخ، فقلت فى نفسى: لو قلت للمختار فى هذا شيئا، فأخذته من الزيّات وغسلته، فخرج عود نضار قد شرب الدّهن وهو أبيض «٢» ، فقلت للمختار:
إنّى كنت أكتمك شيئا، وقد بدا لى أن أذكره لك، إن أبى جعدة «٣» كان يجلس عندنا على كرسى، ويرى أن فيه أثرا من «٤» علم.
قال: سبحان الله، أخّرّته إلى هذا الوقت! ابعث به إلىّ، فأحضرته وقد غشّيته، فأمر لى باثنى عشر ألفا، ثم أمر فنودى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال: إنه لم يكن فى الأمم الخالية أمر إلّا وهو