فى أيام العرب ووقائعها فى الجاهليّة، وأنها لمن مآثرها السنيّة، واذا تأمّلها المتأمّل دلّته على مكارم أخلاقهم وكرم نجارهم، وحقّقت عنده أنهم ما أحجموا عن طلب أوتارهم، وعلم مكافأتهم للأقران، وسماحتهم بالنفوس والأبدان، وإقدامهم على الموت، ومبادرتهم عند الإمكان خشية الفوت.
وقيل لبعض الصحابة رضى الله عنهم: ما كنتم تتحدّثون به إذا خلوتم فى مجالسكم؟ فقال: نتناشد الشعر ونتحدث بأخبار جاهليّتنا.
وقال بعضهم: وددت أنّ لنا مع إسلامنا كرم أخلاق آبائنا فى الجاهليّة.
ألا ترى أنّ عنترة الفوارس جاهلىّ لا دين له، والحسن بن هانئ إسلامىّ، فمنع عنترة كرمه ما لم يمنع ابن هانئ دينه، فإنّ عنترة يقول:
وأغضّ طرفى إن بدت لى جارتى ... حتى يوارى جارتى مأواها
وقال أبو نواس الحسن بن هانئ:
كأنّ الشباب مطيّة الجهل ... ومحسّن الضّحكات والهزل
والباعثى والناس قد هجعوا «١» ... حتى أبيت خليفة البعل