فى هذه السنة هلك الرجالة المصافية فى المحرم. وسبب ذلك أنهم لما أعادوا المقتدر إلى الخلافة- كما ذكرنا- زاد إدلالهم واستطالتهم، وصاروا يقولون أشياء لا يحتملها الخلفاء، منها أنهم يقولون: من أعان ظالما سلّط عليه، ومن يصعد الحمار إلى السّطح يقدر أن يحطه وإن لم يفعل المقتدر معنا ما نستحقه قابلناه بما يستحق! إلى غير ذلك، وكثر شغبهم ومطاولتهم وأدخلوا فى الأرزاق أولادهم وأهليهم ومعارفهم وأثبتوا أسماءهم، فصار لهم فى الشهر مائة ألف وثلاثون ألف دينار.
واتفق أن الفرسان شعبوا فى طلب أرزاقهم فقيل لهم إن بيت المال فارغ وقد انصرفت الأموال إلى الرّجّالة، فثار بهم الفرسان واقتتلوا «١» /فقتل من الفرسان جماعة فاحتج المقتدر على الرجالة بقتلهم وأمر محمد ابن ياقوت «٢» صاحب الشرطة فطرد الرّجّالة من دار المقتدر ونودى فيهم بخروجهم عن بغداد ومن أقام حبس، وهدّمت دور عرفائهم وقبضت أملاكهم، وظفر بعد النّداء بجماعة منهم فضربهم وحلق لحاهم وشعورهم