للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله وعدوّ الإسلام دخل فى خبر كان؛ وأن الله تعالى كسر جيوش التتار كسرا لا يجبر صدعه، ولا يتأتّى إن شاء الله تعالى جمعه. والله تعالى يسمعه من التهانى كلّ ما يسرّ الإسلام وأهله، ويشكر قوله فى مصالح الإسلام وفعله؛ إن شاء الله تعالى.

[الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الثانى فى المراثى والنوادب]

والمراثى إنما جعلت تسلية لمن عضّته النوائب بأنيابها، وفرّقت الحوادث بين نفسه وأحبابها؛ وتأسية لمن سبق الى هذا المصرع، ونهل من هذا المشرع؛ ووثوقا باللّحاق بالماضى، وعلما أنّ حادثة الموت من الديون التى لا بدّ لها من التقاضى؛ وأنه لا سبيل إلى الخلود والبقاء، ولا بدّ لكلّ نفس من الذّهاب ولكلّ جسد من الفناء.

قال الله تعالى فى محكم تنزيله مخاطبة لرسوله: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ.

فليرض من فجع بخليله وشقيقه، وصاحبه وصديقه؛ وأهله وولده، وجمعه وعدده، وماله ومدده؛ نفسه الجامحة فى ميادين أسفها وبكائها، الجانحة إلى طلب دوائها من مظانّ أدوائها؛ بزمام الصبر الجميل، لينال الأجر الكريم والثواب الجزيل؛ فقد أثنى الله تعالى على قوم بقوله: وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ

؛ وقال تعالى إخبارا عن لقمان فى وصيّته لابنه: وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ

. وليسترجع من أصابته مصيبة أو نزلت به بليّة، وطرقته حادثة أو ألّمت به رزيّة؛ لما جعل الله تعالى للمسترجع بفضله ومنّته، من صلاته عليه ورحمته؛ قال الله عز وجل: