قال: وكان سبب اتّصال خبرها بسليمان عليه السلام أنه بينما هو يسير على بساطه، وكان الهدهد دليله على الماء لأنه يراه من عدّة فراسخ، فارتفع فى الهواء لطلب الماء، فنظر الى هدهد قد أقبل من ناحية اليمن، فالتقيا. فقال له الهدهد السليمانىّ: من أين أنت؟ قال: من اليمن. وسأله الآخر فقال: أنا من الشام من طيور الملك سليمان. قال: ومن سليمان؟ قال: نبىّ الله ملك الجنّ والإنس والطير وجميع المخلوقات. قال: إنّ هذا ملك عظيم. قال: وهل فى اليمن ملك؟ قال:
نعم، ملكة يقال لها «بلقيس» تحت يدها عشرة آلاف قائد، تحت يد كلّ قائد كذا وكذا ألفا من العساكر.
وحكى الثعلبىّ أنه قال لمّا أخبره بملك سليمان: إن لصاحبكم ملكا عظيما، ولكن ليس ملك بلقيس دونه، فإنها ملكة اليمن وتحت يدها اثنا عشر ألف قيل مع كل قيل مائة ألف مقاتل- والقيل هو القائد بلغة أهل اليمن- فهل أنت منطلق معى حتّى تراها؟ قال نعم. فانطلق الهدهدان حتى أتيا بلاد اليمن وصارا إلى قصرها؛ فنظر إليها [الهدهد «١» السليمانىّ] وإلى قصرها وملكها. وحضر وقت الصلاة لسليمان فلم يجد الهدهد، فقال ما أخبر الله به عنه: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ «٢»