للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنواع النّثار وعلى رأسها تاج، فصعدت على عرشها. فلمّا رآها الملك فتن بها وكاد يذهل عقله. وأخذت فى مخادعته وملاعبته، ثم أمرت بالطعام فأحضر بين يديه.

فآمتنع من الأكل وقال: ما أريد أن أغفل عن وجهك. فأمرت بإحضار الشراب فأتى به فى آلات الجوهر النفيس. وأخذا فى الشرب، فلم تزل به حتى أسكرته وغاب عن عقله ووقع على قفاه لا يعقل من أمره شيئا. فذبحته بلقيس، ثم دعت بأبيها وأعلمته بما فعلت. ففرح وكتب إلى خزّان الملك عن الملك: إنّى قد أحببت النزول بهذا القصر فأجمعوا ما فى الخزائن من الأموال وأنفذوه إلى عندى «١» . فجمعوا الأموال وأنفذوها الى القصر. ثم أمرت بعد ذلك باتخاذ الأطعمة فصنعت ودعت سادات ملوك اليمن. فلمّا جلسوا قدّمت إليهم الأطعمة فأكلوا، ثم قدّم إليهم الشراب فشربوا. فلما أخذ منهم أشرفت بلقيس عليهم وقالت: إنّ الملك يأمركم أن توجّهوا إليه بنسائكم وبناتكم. فغضبوا وقالوا: أما يكفيه أنه فضح بنات العرب حتى طمع فينا نحن!. فقالت لهم: لا تغضبوا حتى أرجع إليه وأعرّفه غضبكم.

ثم أمرت أن يعاد عليهم الشراب ثانيا فشربوا ساعة، فعادت إليهم وقالت:

قد أخبرت الملك بغضبكم ومقالتكم فقال: لابدّ من ذلك. فازداد القوم غضبا وصاحوا. فقالت: على رسلكم حتى أراجعه وأسأله. ومضت وعادت فقالت:

إنى عدت الى الملك فوجدته قد نام، فما رأيكم فى أمر أفعله وأريحكم مما أنتم فيه من شرّه على أن تملّكونى على أنفسكم؟ قالوا نعم. فحلّفتهم على ذلك وأخذت عليهم العهود والمواثيق، وغابت ساعة وعادت ومعها رأس الملك فألقته إليهم، ففرحوا بذلك واستبشروا وملّكوها عليهم. فملكت بضع عشرة سنة حتى بعث الله سليمان نبيّا.