للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجلت البلاد فما إن أرى ... شبيه ابن جدعان وسط العرب

سوى ملك شامخ ملكه ... له البحر يجرى وعين الذهب

وأخبار ابن جدعان كثيرة وسيادته فى الجاهليّة مشهورة، ليس هذا موضع إيرادها، وإنما أوردنا ما أوردنا منها فى هذا الموضع على سبيل الاستطراد، فالشىء بالشىء يذكر. فلنرجع إلى أخبار القيان.

[ذكر أخبار جميلة]

هى جميلة مولاة بنى سليم، ثم مولاة بطن منهم يقال لهم بنو بهز، وكان لها زوج من موالى بنى الحارث بن الخزرج، وكان ينزل فيهم، فغلب عليها ولاء زوجها فقيل لها: مولاة الأنصار. وقد قيل: إنها كانت لرجل من الأنصار ينزل بالسّنح.

وقيل: كانت مولاة الحجّاج بن علاط السّلمىّ. قال أبو الفرج الأصفهانىّ: وهى أصل من أصول الغناء، أخذ عنها معبد وابن عائشة وحبابة وسلّامة وعقيلة والعتيقة وغيرهم. وفيها يقول عبد الرحمن بن أرطاة:

إنّ الدّلال وحسن الغنا ... ء وسط بيوت بنى الخزرج

وتلكم جميلة زين النساء ... إذا هى تزدان للمخرج

إذا جئتها بذلت ودها ... بوجه منير لها أبلج

قال: وكانت جميلة أعلم خلق الله بالغناء. وكان معبد يقول: أصل الغناء جميلة وفرعه نحن، ولولا جميلة لم نكن نحن مغنّين. قال: وسئلت جميلة: أنّى لك هذا الغناء؟

قالت: والله ما هو إلهام ولا تعليم، ولكنّ أبا جعفر سائب خاثر كان جارنا، وكنت أسمعه يغنّى ويضرب بالعود فلا أفهمه، فأخذت تلك النغمات وبنيت عليها غنائى، فجاءت أجود من تأليف ذلك الغناء، فعلمت وألقيت؛ فسمعنى مولياتى يوما وأنا